“استمر عشقي لقيادة الدراجات النارية في الطرق الوعرة حتى العاشر من شهر أيار 2015″، هكذا يقول أندرو روبنسون قائد دراجات نارية.
ويروي روبنسون في مقاله المنشور في صحيفة “غارديان” البريطانية:
“اعتدت أنا وأصدقائي قيادة دراجاتنا النارية حتى نصير على بعد 20 ميلاً عن أي مكان معروف، ثم نستريح ونخلع أحذيتنا في إحدى البقاع غير المعروفة الأكثر سلاماً وهدوءاً.
كان يوماً اعتيادياً من فصل الربيع في منطقة “ليك دستريكت”، والجو كان ممطراً وشديد البرودة، وأثناء سيري توقفت لمساعدة صديقي الذي تواجه دراجته مشكلة ما، ثم أكملنا الرحلة.
لكننا واجهنا طريقاً جبلياً منحدراً، كنت أنا وصديقي نسير بسرعة 30 ميلاً في الساعة عندما اصطدمنا بأحد أركان الطريق”.
ويتابع: “حاولنا الالتفاف حول بعضنا البعض، لكننا تحركنا في نفس الاتجاه ليعيق كل منا الآخر في طريقه، إذ حاولت الاتجاه يساراً فتبعني بالسير في نفس الاتجاه، ثم يميناً ليتبعني أيضاً، ثم توجه كلانا يساراً مرة أخرى، بعد ثلاثة ثوانٍ، اصطدمت أنا وصديقي، لنجد أنفسنا فاقدين الوعي.
علمت فيما بعد أنه في نهاية الأمر، وصل إلى موقع الحادث المعزول 45 فرداً ما بين حراس المنتزه والمسعفين وفرق الإنقاذ الجبلية وأفراد الشرطة”.
وأضاف روبنسون: “تسبب النزيف الداخلي بصدري في عدم استجابتي لعمليات الإنعاش، إذ إن الدماء كانت تملأ صدري وتعوق الرئتين من الانتفاخ بالهواء.
لذا توجب عليهم أن يفتحوا ثقبين في القفص الصدري ليمتصوا كل الدماء، ثم اجراء عملية نقل دم في نفس البقعة على أرضية الغابة التي كنا فيها.
لقد واجهت الموت عدة مرات خلال الساعات الثلاث التي توقفت خلالها عن التنفس، وقبل أن تصل طائرة الإسعاف المروحية لتنقلني من هناك، أخبر المسعفون أصدقائي أنهم كانوا متأكدين أنني لن أصل الى المستشفى حياً؛ لأن كثيراً من الأمور لم تكن على ما يرام.
استطعت السير على قدمي مرة أخرى بعد أسبوعين، ولا يمكنني تذكر أي من تلك الأشياء، وكل ما عرفته وقتها أنني كنت فاقداً لقدرتي على الكلام، فقد كان جسدي ممتلئاً بالأنابيب والمورفين.
لم أنظر في المرآة لكي لا أعرف مدى سوء الحالة، ولكن وجهي كان محطماً تماماً قبل أن يجروا العملية بعد أسبوع تقريباً”.
وكشف روبنسون في مقاله:
“الحادث تسبب في اصطدام رؤوسنا، كما تفككت الخوذة التي كنت أرتديها، تحرك محجر عيني اليسرى حوالي بوصة للأسفل، أما ذقني فكانت محطمة وكانت عظام الذقن ظاهرة تماماً، كما تدلى أنفى لأسفل بزاوية 45 درجة.
عندما نظرت إلى كشف الأشعة السينية وجدت أن 52 مسماراً و13 لوحاً غريب الشكل يثبتون عظام الجمجمة سوياً. وكان ثمة عوارض وأسلاك لكي تحافظ على أسناني في أماكنها، والتي استعاد فكي بسببها هيئته بعد أن انتُزعت.
أجرى الجراح عملية لترقيع الشقوق الموجودة أمام أذني وتحت عيني وتحت الشفاه. لقد كنت مندهشاً من الكيفية التي قاموا بها بذلك دون أن يتركوا أي خطوط أو ندبات، وقد نجحت كل الجهود التي بذلوها، إلا أنني عندما أفتح فمي بشدة لكي أكل ثمرة موز فإنني أسمع صوت طقطقة في فكي.
ولا يزال وجهي ملتوياً قليلاً وغير متماثل، لذا قررت أن أترك لحيتي لكي أخفي ذلك الأمر، وبدوت عصرياً لأول مرة في حياتي.
بخلاف الألم الذي أشعر به في يدي وقدمي، فإن الأمور عادت إلى طبيعتها، وأعمل الآن مهندس طائرات بدوام كامل.
أما صديقي فقد عانى من إصابات كبيرة في يديه وقدميه لكنه استعاد عافيته هو الآخر.
والآن، أجلس وأتذكر أنني ما زلت على قيد الحياة بسبب المتبرعين بالدماء الذين لا أعرف أياً منهم.
والآن أساعد في نشر ثقافة التبرع بالدم، لأن هيئة الخدمات الصحية الوطنية في حاجة إلى متبرعين، ولا سيما هؤلاء الذين تنتمي دماؤهم لفصيلة الدم O-، فهم معروفون بأنهم متبرعون عالميون، لأن فصيلة دمائهم يمكنها أن تتبرع لأي فصيلة أخرى، وهو أمر ضروري في الحوادث المشابهة للحادث الذي تعرضت له عندما لا يكون ثمة وقت لإجراء الاختبار.
وقبل أن يحدث ذلك، اعتقدت أنني رجل الأسرة، أما الآن، فمن الواضح أن زوجتي تقع في أعلى ترتيب الأسرة.
لقد أظهرت تلك المرأة مرونة لا تصدق عندما كنت في الغيبوبة، إذ إنهم لم يستطيعوا خلال أربعة أيام أن يخبروها إن كنت على قيد الحياة أم ميتاً، لكنها تجاوزت كل تلك الصدمات وهي ترعى طفلينا.
انا لن أمارس تلك الرياضة مرة أخرى، كما أني منعت ولدي البالغ من العمر 10 أعوام من ركوب دراجته النارية المخصصة للأطفال”.
التعليقات
ركوب الدراجات النارية مخاطرة على الحياة وخاصةً من يسوقها بسرعة 70 أو 80 . وبعض الناس يسوق بدون خوذة على رؤوسهم. هناك حوادث تحصل يومياً تسبب بالموت. هي ليست رياضة وإنما أكثر هواية. أحياناً يخرجونن كجماعات في رحلة. أنا شخصياً انزعج منهم عندما أسوق ومن صوت الموتور العالي عندما يمرون من أمامي.
التبرع بالدم ينقذ حياة الآخرين وهو عمل إنساني.
المقال جَيِّد
اترك تعليقاً