يمثل شهر رمضان المبارك في حياة الشعب الموريتاني فرصة نادرة للمبادرة إلى الطاعات وأعمال الخير، ويبلغ الإقبال على المساجد أوجه في هذا الشهر الكريم، حيث تزدحم بالمصلين الحريصين على أداء الصلوات في الجماعة، كما تشهد صلاة التراويح إقبالا خاصا وتحرص غالبية المساجد على ختم القرآن الكريم خلالها، حيث تشتهر هذه البلاد بكثرة حفظة القرآن فيها.

ويحرص الصائمون على حضور الدروس اليومية التي تلقى في هذه المساجد والتي تبين للناس أحكام دينهم، وتمثل هذه الدروس امتدادا طبيعيا للدور التاريخي لـ الجامعات الشنقيطية المتنقلة المعروفة بـ ” المحاظر ” والتي كان لها دور أساسي في نشر العلوم العربية والإسلامية في المنطقة.

ومن العادات الثابتة التي التزمتها وسائل الإعلام الموريتانية منذ ما يقارب عشرين سنة ما يعرف بثنائية “ الفقيه والطبيب ” حيث يحضر فقيه وطبيب في “ السهرات الرمضانية ” التي تبثها الإذاعة والتلفزيون، ويشكل تواجدهما معا عاملا مهماً لإيجاد حلول نهائية لعدد من التساؤلات التي يطرحها الصائمون وبالأخص ما يتعلق منها بإمكانية صوم المريض، حيث يرفض الفقيه أن يعطي جوابا قاطعا قبل أن يبدي الطبيب رأيه حول تأثير الصوم على هذه الحالة المرضية أو تلك، ليخرج الفقيه بحكم نهائي.

وفي أغلب المناطق الداخلية البعيدة تتسابق الأسر إلى إعداد وجبات إفطار خاصة بالمساجد وهي عادة قديمة لدى أهل هذه البلاد حيث ترى أطفال القرية ونساءها يتسابقون إلى المساجد قبيل الغروب حاملين ذلك النصيب اليومي المفروض من مائدة الإفطار الذي لا تطاله الاتكالية ولا التقاعس.

وفي تقليد سنوي درجت عليه سلطات البلد مع إطلالة الشهر الكريم تقوم هذه السلطات بفتح محلات تجارية تبيع المواد الاستهلاكية بأسعار مدعومة لجعلها في متناول الفقراء وتشهد هذه المحلات إقبالا كبيرا حيث تتشكل أمامها طوابير طويلة من ذوي الدخل المحدود الراغبين في الحصول على المواد الضرورية الأساسية التي توفرها هذه المحلات بأسعار مخفضة.