بعد شهرين من إعلان القوة العسكرية المهيمنة في شرق ليبيا، المتمثلة بالجيش الوطني، الانتصار في حملتها العسكرية لانتزاع السيطرة على بنغازي، يعيش حسن الزاوي حياة قاسية في منزله في حي شهد آخر معركة رئيسية في المدينة.
ومثل كثير من السكان الآخرين، غامر الزاوي بالعودة بعدما انتزع الجيش الذي يتزعمه القائد العسكري خليفة حفتر السيطرة تدريجياً من مسلحين إسلاميين وجماعات مسلحة أخرى.
وتحولت مناطق في بنغازي، ثاني أكبر مدن ليبيا، إلى أنقاض في معارك استمرت لأكثر من 3 سنوات في ظل أزمة اقتصادية، واضطرابات سياسية تجتاح ليبيا مما يجعل إعادة البناء تمثل تحدياً كبيراً.
وقال الزاوي، في منتصف أغسطس في حي الصابري المطل على البحر: “هناك ذباب وبعوض وقمامة. وفي الليل لا نملك أي شيء “.
وأضاف، ” نحن هنا منذ شهر و 10 أيام، وكل ما نريده من البلد هو الكهرباء والمياه وعودة الناس إلى ديارهم والبقاء هناك “.
وبعد الثورة التي أطاحت بالرئيس معمر القذافي قبل 6 سنوات، نشب صراع بلا نهاية في الأفق إلى الآن. وشهدت بنغازي، مهد انتفاضة 2011، بعضاً من أسوأ أعمال العنف، ونزح آلاف السكان، وكثير منهم يعارضون حفتر، إلى مدن ليبية أخرى.
وحتى أسابيع قليلة ماضية، كان حي الصابري، المعقل الأخير لمنافسي حفتر، يتعرض لقصف المدفعية الثقيلة والضربات الجوية للجيش الوطني الليبي. واستمرت معارك متقطعة بعدما أعلن حفتر النصر في الخامس من يوليو.
وينتشل الناس ما يمكن انتشاله من بين أنقاض المنازل المدمرة، ويساعدهم الأطفال في أعمال التنظيف.
وبعد ذلك يجلس الرجال لاحتساء الشاي أو القهوة وحراسة شوارعهم. ويقول أحدهم إنه سيبقى في منزله حتى لو كان سيغلق الأبواب والنوافذ بالمناشف.
ويقول ساكن آخر في حي الصابري، يدعى فرج محمود، إن بعض الناس حرصوا على العودة الى ديارهم، وتجاهلوا خطر الألغام الأرضية التي لا تزال مزروعة في بعض مناطق الحي.
وأضاف محمود: “ وجدنا منازلنا غارقة في مياه الصرف الناجمة عن الأنابيب المحطمة وكانت المياه بارتفاع 70 إلى 80 سنتيمتراً ” .
وقال ميلاد فضل الله، الذي يعمل مهندساً، إن بعض العائدين شكلوا لجاناً للضغط على السلطات المحلية فيما يتعلق بالمياه والكهرباء والصرف الصحي.
وأوضح فضل الله، أن معظم السكان في المنطقة الشرقية الأقل دماراً بحي الصابري، سيتسنى لهم قضاء عطلة عيد الأضحى التي تبدأ أول شهر سبتمبر في حيهم.
لكن أسامة الكزة، مدير المشاريع في بلدية بنغازي قال، إن الافتقار إلى الأموال والقيادة السياسية في بلد لا يزال مقسماً بين حكومتين متناحرتين سيعرقل إعادة الإعمار.
وخلف الصراع في بنغازي أيضاً ندوباً جسدية ونفسية عميقة.
وقال الكزة: ” الوصول إلى صورة جيدة وحضارية للمدينة سيتم على مراحل، وسوف يستغرق عدة سنوات ويكلف المليارات ” .
التعليقات
اترك تعليقاً