أعاد خطاب الرئيس الأمريكي، دونالد ترمب، الذي ألقاه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، تسليط الضوء من جديد على دور إيران في رعاية الجماعات الإرهابية الراديكالية في الشرق الأوسط، وعلى رأسها تنظيم القاعدة.

وفي هذا الصدد كشفت تقارير صحفية في العدد الثلاثين والأخير لمجلة ” صوت الجهاد ” ، الصادر عام 1428/2007، المزيد عن تحالف طهران مع أسامة بن لادن ، زعيم تنظيم القاعدة، وعن تقديمها الدعم اللوجستي لمقاتلي التنظيم في التدريب والإيواء والرعاية.

وقد سلط العدد الضوء على اسم جديد ومهم، لأحد أبرز منظري تنظيم القاعدة في المملكة ، لم يتم تداوله مسبقاً من قبل المهتمين بمتابعة الجماعات المتطرفة، كاشفاً عن حجم التعاون الثنائي ما بين طهران وتنظيم القاعدة.

أسامة بن لادن، فمن يكون هذا الرجل ” المهم ” في القاعدة؟
” وزير إعلام الجهاد ”
هو ” عيسى بن سعد آل عوشن ” أو كما يلقبه رفاقه بـ ” وزير إعلام الجهاد ” أو ” مجاهد الكيبورد ” ، قتل خلال مداهمة أمنية، طالت منزل القيادي صالح العوفي في #الرياض في 2004.
عيسى آل العوشن
التحق ” العوشن ” بمقاتلي القاعدة في أفغانستان، قبيل أحداث 11 من سبتمبر بفترة وجيزة، وذلك بعد استشارة المنظر الشرعي، ومؤسس تنظيم القاعدة في السعودية ” يوسف العييري “.

نشط العوشن مبكرا في مجال الإعلام ” الجهادي ” والتحريض، متفاعلا مع حقبة ” الجهاد الأفغاني ” ، والقضية ” الشيشانية ” حتى انضم إلى صفوف القاعدة في أفغانستان. استقطبه القيادي وزعيم تنظيم القاعدة في جزيرة العرب كما كانت تسمى حينها، ” عبد العزيز مقرن ” ، كمسؤول اعلامي لإصدارات التنظيم، وذلك عقب مقتل العييري خلال مواجهات أمنية في مدينة حائل شمال السعودية يونيو 2003.

ووفقاً لما جاء في منبر ” التوحيد والجهاد ” الأصولي، عن سيرة الناطق الإعلامي للقاعدة، برز العوشن أو كما يلقب بـ ” أبي سعيد القعود ” في مجال الإعلام الجهادي: ” ايمانا منه بأهمية دور الإعلام في استقطاب الأنصار والذب عن المجاهدين، فقد سخر معظم جهوده في هذا المجال، حيث عمل بجد ومثابرة مع الشيخ الشهيد يوسف العييري في موقع ” الدراسات ” على شبكة الإنترنت “.

يوسف العييري

تولى ” العوشن ”  عقب مقتل العييري الإشراف على موقع ” مركز الدراسات البحوث الإسلامية ” ، وأسس بعد إغلاقه، موقع صوت الجهاد. كما تولى رئاسة تحرير مجلة “صوت الجهاد”، بتكليف من زعيم تنظيم القاعدة في السعودية عبدالعزيز المقرن.
عبد العزيز المقرن
إلى ذلك، كان مشرفا على نشرة ” معسكر البتار ” ، وأحد العاملين الرئيسيين في الذراع الإعلامية الرئيسية لتنظيم القاعدة ” مؤسسة السحاب ” ، كما تولى دور المعلق في إصدار ” السحاب ” الشهير: ” بدر الرياض ” .

بعد حملة المداهمة لخلية إشبيلية (8 مايو 2003) بأيام وقعت عملية 12 مايو والتي كانت من أكبر العمليات التي شنها الإرهابيون في المملكة، حيث تم تفجير 3 مجمعات سكنية (غرناطة وإشبيلية والحمرا)، خرجت الحكومة السعودية، بعد تحقيقات، بقائمة الـ 26 إرهابياً، وهم – بحسب وزارة الداخلية السعودية – أخطر المطلوبين في السعودية، كان “العوشن” الناطق الإعلامي للقاعدة من بين تلك الأسماء.

العوشن وإيران
بدأت العلاقة الثنائية بين المسؤول الإعلامي لتنظيم القاعدة وطهران، عقب أحداث الـ 11 من سبتمبر، وعشية الهجوم الأميركي على طالبان وتنظيم القاعدة في أفغانستان التي اتخذها مقاتلو القاعدة وعدد آخر من رموز التنظيمات الراديكالية المتطرفة محطة للتخفي، وعدم التعقب من قبل أجهزة الاستخبارات الأميركية.
أقام العوشن في مقاطعة ” زابل ” ، وهي إحدى مقاطعات محافظة سيستان وبلوشستان في إيران، وكان المنسق في ذلك القيادي يوسف العييري، وحارس أسامة ابن لادن، والذي كان واحداً من خمسة أشخاص عام 1992، سافروا على طائرة ابن لادن من أفغانستان إلى السودان، مرورا بإيران، حيث هبطت الطائرة لساعات قبل اكمال خط سيرها.

جاء على لسان صديقه ” ماجد سعيد القحطاني ” ، والملقب بـ ” علي المكي ” ، (قتل في مداهمة أمنية لأحد أبرز خلايا تنظيم القاعدة في محافظة الرس بمنطقة القصيم 2005)، تولى المنظر القاعدي ” العوشن ” ، في مدينة “زابل” الإيرانية، الإشراف على مجموعة مقاتلي القاعدة المتواجدين في إيران، وذلك عبر “العييري” الذي كان حلقة الوصل الرئيسية بين بن لادن والقيادات الأصولية بمنطقة الخليج العربي، حيث كان يتحاور عبر “اللاب توب” مع قيادات “القاعدة” في إيران وباكستان.

ووفقا لما جاء في شهادة ” علي المكي ” ، والمنشورة في مجلة ” صوت الجهاد “: ” وصل الشهيد رحمه الله إلى إيران، وأمره مجموعة من المجاهدين عليهم، في انتظار فتح الطريق لدخولهم، وظلوا هناك فترةً يترقبون الدخول ويتشوقون لذلك، وكان الطريق قد انقطع”.

اللافت فيما جاء في رسالة القحطاني، والتي حملت عنوان “فارس الإعلام الجهادي”، كان في تولي العوشن ومن داخل إيران، مهام تقديم الدعم اللوجستي واستقبال التبرعات، وكذلك استقبال المجندين حديثا، إلى جانب الخارجين من أفغانستان تفاديا للضربات الجوية الأميركية، مما يبرهن من جديد على حجم تورط إيران في دعم الجماعات الإرهابية واعتبارها محطة عبور رئيسية لتدريب المقاتلين ممن يرغبون بالانضمام الى صفوف تنظيم القاعدة.

وقال ” المكي ” عن العوشن: ” كان في إيران يقدم لإخوانه المجاهدين ما يُسمى بالدعم اللوجستي من استقبال التبرعات وكذلك استقبال الإخوة المجاهدين القادمين إلى الجهاد أو الخارجين من أفغانستان، ويخبرني رحمه الله أن الشيخ يوسف (العييري) اتصل عليهم في عيد الفطر عام 1422 هـ وكأنه لمس أن الإخوة متشوقون للدخول وضاقوا ذرعاً بإيران وروافضها، فأخذ يثبتهم رحمه الله ويبين لهم فضل الرباط والجهاد في مكالمة استمرت طويلاً عبر الهاتف “.

في السياق ذاته، كانت وزارة الداخلية السعودية أعلنت في 2009 عن قائمة بأسماء 85 مطلوبا أمنيا خارج المملكة، 83 منهم سعوديون واثنان يمنيان، سلم عددا منهم نفسه، بعد تأمين عودتهم وإخضاعهم للأنظمة المرعية.
القرعاوي.. مؤسس كتائب عبدالله عزام
أحد هؤلاء، وهو المتهم الـ13 ضمن خلية الـ 32 التي خططت لتنفيذ عملية إرهابية بالمملكة، وخلال جلسات النطق بالحكم على عناصر الخلية في سبتمبر 2014، كشف عن تلقيه دورات تدريبية على الأسلحة والمتفجرات مع تنظيم القاعدة في أفغانستان، وتسليمه مبلغ 106 آلاف ريال من قبل أحد عناصر الخلية، ونقلها معه إلى إيران وتسليمه مئة ألف ريال لمنسق تنظيم القاعدة في إيران صالح القرعاوي المدرج أيضا على قائمة الـ 85، مقابل تسليمه 6 آلاف ريال لأحد المطلوبين في وزيرستان.

صالح القرعاوي
ويعد ” القرعاوي ” ، مؤسس وزعيم ما عرف بـ ” كتائب عبد الله عزام”، التي بدأت نشاطها العسكري عام 2004، بعمليات محدودة وأعلن عن تشكيلها وتكوينها عقب حرب غزة 2009، متخذة من مخيمات اللاجئين الفلسطينيين بلبنان مقرا لها.
وكان القرعاوي غادر إلى إيران وتلقى تدريبات مكثفة على الإلكترونيات واستخدامها في عمليات التفجير، وجعل من إيران مركزاً لعملياته وقيامه بدور الوسيط بين قيادات التنظيم وأعضائه وسعيه لتوحيد جهود التنظيم في العراق ولبنان، وهو نائب لمقدم التسهيلات لتنظيم القاعدة ” ياسر السوري ” ، ولديه صلات قوية بعناصر من التنظيم متمركزة في المنطقة تسعى للقيام بهجمات إرهابية.
تبنت كتائب عزام مسؤولية الهجوم المزدوج الذي وقع في نوفمبر 2013 قرب السفارة الإيرانية في لبنان، والتي وقعت وفق معلومات استخباراتية بتوجيه من المخابرات الإيرانية، والنظام السوري.

وكان القرعاوي يتنقل بين إيران وتحديدا من مقر إقامته مدينة “مشهد” ووزيرستان إلى أن أصيب إصابة بالغة في ذراعه في صيف 2012، وتسلمته السعودية معتقلاً، بوصفه المطلوب رقم 43 على لائحة تضم أكثر من 85 مطلوباً للسعودية.
ونفذت كتائب عبد الله عزام من خلال فصيلين: ” سرايا زياد الجراح ” و ” سرايا يوسف العييري ” ، 9 عمليات، أبرزها مهاجمة بارجة أميركية كانت راسية في العقبة في أغسطس 2005.
عماد مغنية
وكانت صحيفة نيويورك تايمز كشفت في يناير 2002، وثائق خاصة حصلت عليها من مسؤولين في الاستخبارات الأميركية تؤكد وجود اتصالات بين عماد مغنية قائد الجناح العسكري لحزب الله وإيران وبن لادن خلال التسعينيات.

وتقول الصحيفة: ” عقد مغنية لقاء واحدا على الأقل مع بن لادن. من الواضح أنه كان يهدف إلى مناقشة إقامة علاقات تعاون معه، طبقا لبيانات قدمت إلى محاكم فيدرالية أميركية من قبل مساعد سابق مقرب من بن لادن”، وهو السوداني جمال الفضل الذي انشق عن القاعدة، وقال في شهادته التي قدمها للمخابرات الأمريكية: ” سيف العدل ومجموعة معه ذهبوا إلى جنوب لبنان بداية التسعينيات وتدربوا على يد حزب الله “.