توقفت عن الكتابة في الصحف الإلكترونية وجاء صخب الهدوء ، لم أعد أنشر شيئا كرسائل ومقاطع وتعليقات متداولة في مواقع التواصل الإجتماعي.
جوالي .. الصديق الحميم الصامت .. هو من كان يشغلني في يومي وحياتي وإضاعة وقتي فهو الآن لم يعد يدي تحمله.
سيارتي .. متوقفة خارج المنزل غطاها الغبار حتى اصبحت خردة بعد إهمالها وتجاهلها من قبل السادة الأعزاء.
” ريموت ” التلفاز .. كما هو على وضعه في سكون على تلك الطاولة الصغيرة وبجانبة جهاز التكييف.
حتى ملابسي … المخزنة على أرفف الدولاب وضعت في سلة المهملات وبعضها سلمت للجمعيات الخيرية طالبين لي جزاهم الله خيرا .. الأجر والثواب.
من كان حولي يصنعون الضجيج في حراك وتشاغب ويتبادلون الحديث ويتقاسمون الفرح واللعب في زوايا البيت المهجور ،، ومن كانوا يعيشون الروتين اليومي الآن اختفوا من أمام عيني بدون صوت وبدون وداع.
راتبي الشهري .. أصبح الإيداع في حسابي النصف بعد غيابي ، هكذا هو النظام التقاعدي ليتم توزيع ما تبقى على الورثة.
منزلي .. الذي تعبت وكافحت عبر مسيرة عملي في تشييده وبناءه إلى ان تقاعدت هو في الاساس أتى من قروض وديون هو الآن معروض للبيع كي يتوارثونه عائلتي الصغيره و يبددون معاناتي من أجل حياة جديدة.
كانوا يسموني .. عامود البيت والسند والأمان والظهر ، فقد فقدت كل المسميات فذهبت هباءا منثورا ؛ الآن يسموني .. ” المرحوم “.
نظرة إلى سريري لم أجد جسدي مستلقيا وممدا عليه ولم اشعر بأنفاسي تعانق تلك الوسادة الباردة.
نظرت .. إلى مكان جلوسي الدائم أمام التلفاز الذي لازال مقفل فلا اخبار العالم تعنيني ولا مسلسلات هابطة تسليني ولا برامج تافهه تشتت ذهني وتحتويني.
نظرت .. إلى تلك المرآة المتسخة فوجدتها خالية من ملامح وجهي بل وجودي كله ! بل مكانتي المرموقة عند أقاربي.
نعم .. كل شي غاب وشاب ، وكل شي كان حولي إسترجل و رحل ، وكل شي اخذوه وتقاسموه في لحظة غيابي عنهم.
الأكيد .. انهم سيبكون وسيحزنون هي لحظات ويمكن ساعات و أيام معدودة ؛ وسوف ينسوني واحتمال أصبح ذكرى عابرة على قارعة “الصكيك” المهجورة ، كصورتي المعلقة على جدار مجلسي يكسوها الشيب.
حبر قلمي جف ؛ وجسدي تلف ؛ وأنفاسي توقفت .
هكذا هي حياتنا سوف نرحل بحلوها ومرها بفرحها وحزنها.
الآن لا املك غير قبري الصغير وأعمالي ترافقني .. رحم الله نفسي الخالدة وأعزيها .. عظم الله أجري وغفر الله ذنوبي .. فالموت هو مثواي الأخير .. فهموا جميعا لدفني.
لكن .. تذكرت كل تلك الأحداث هي مصيرنا لا محاله ؛؛ لنفتح صفحة جديدة مع من نحب .. مع إحساسنا الصادق مع الناس .. ولنبدأ أولا بأنفسنا.
التعليقات
اترك تعليقاً