رجل توسد السخاء، وتدثر العطاء، مجموعة رجال في جسد، وتتابع نبضات قلب في الود والمدد، اسمه(أحمد)، وفعله محمود، واجتمع له من اسم أبيه- يرحمهما الله- (جمعان) جمعان من ألفة ولين معشر وطيب نفس ودماثة خلق، ولطف وحنان أحاط كل ذلك بثاقب رأي وقوة قرار، ودائب عمل وسعي لا يكل ولا يمل، كابد مصاعب التعليم معلما ومديرا عدد سنين، ملك الدراية وأحسن التعامل، لم تفارقه الحكمة.

ولم يغادره الذكاء، ولم يجافه الحلم، امتزجت به البسمة والكلمة الطيبة الرصينة، يمازح في حق، ويحاور بلباقة ولا يجادل إلا مضطرا وبالتي هي أحسن، يبادرك بالسؤال، ولا يحير في الجواب، جعل أسرته عالما من مختلف الاختصاصات فمن بنيه وبناته:

الضابط في علومه العسكرية، والاستشاري في مهامه الطبية، والمهندس المعتبر في أم الشركات الكونية(أرامكو)، والكابتن طيران في التحليق والمهام الجوية، وهناك سيدات المجتمع اللاتي يشار إليهن بالبنان أدبا وتأثيرا وحسن تربية ومدار صلاح، كل ذلك ينتمي لمملكة(أحمد) ومن شاركه الحياة من( حواء) الأم والمدرسة وإيقونة التربية والصلاح المجتمعي السامي والمتنامي.

أحيا فقيدنا في حياته كل من حواليه، فعظم شأنه، وأحبه كل من عرفه، يبكيه الورد في ضاحي منابته، والشهد في مليء شمعه، وشذا العود في بهي تولته، والضوء في انكسار أشعته، والغصن في وريق إهابه، والماء في تماوج زرداته، والمال في صدقاته وزكواته، والبذل في سرية مد اليدين، والبر في حقوق الوالدين، والجوار في التحام الجدارين، والمحتاج إن دمعت العين(أحمد بن جمعان القحطاني) رأيته مرتين، ووقفت معه بضع دقائق لا غير، وفي:

أمسية ليل تقلبت فيها على شوك قلة ذات اليد، وشخصت عيناي كأنما شدت أجفانهما بأشطان من الفولاذ، جفاني النوم وغلبني الهم ونال مني الغم، أبتسم لأهلي ومر الدمع كالعلقم في فؤادي، وفي لحظة التماع في خشوع تبادر لذهني ذلك النقي التقي الباذخ فقصدته في حوالي( المئتي ألف) عدا وتقدا، لم أجدها مع صديق، ولم يمنحني بعضها قريب أو بعيد، كتبت له مجرد رسالة من قريب خمسة أسطر عبر الجوال، وتسارعت نبضات القلب لأتصل عليه،رد مباشرة اعتذر كونه لم يقرأ الرسالة، فأخبرته بمضمونها، ولم أنته من سردي حتى أردف عذره بما انهمر له دمعي بين فرح وسرور، وعرفان وحبور، فقال: ارسل رقم حسابك، لم يطلب كفيلا ولا سندا ولاهم يحزنون، وبعد حوالي(5) دقائق وصلتني رسالة من بنك ( الراجحي) تفيد بتحويل كامل المبلغ على حسابي!!

يا ألله، هذا الرجل الرجل هو السبب -بعد الله – في (امتلاكي) وأهلي بيتا يؤينا، وملاذا يسترنا، فرحت كما لم أفرح وبكيت كما لم أبك، وذكرت ذلك لم أعرف وفاء لهذا الكريم.

ويعلم الله كنت أتحين الفرصة لأدعوه لمناسبة تحتوي جوده ووجوده، ولكن الله اختاره لجواره، لتكون بإذن الله الفردوس منزلته، والصالحون جيرته، اللهم رحماك بهذا العلم فأكرمه يا أكرم الأكرمين ،وتغمده برحمتك وسعة مغفرتك، واشمله بشآبيب عفوك وصفحك، واجمعنا به في مقعد صدق جوارك إنك القادر والغفور الرحيم.

اللهم وأحسن العزاء فيه لأسرته ومحبيه وأصلح عقبه في الغابرين وارزقهم البر به ووفقهم لإكمال مسيرته في حياة هي الممر للمستقر،و ” إنا لله وإنا إليه راجعون”.