إن الانتخابات المقبلة في أوزبكستان للمجلس التشريعي للمجلس الأعلى (البرلمان) ومجالس نواب الشعب، المقرر إجراؤها في 27 أكتوبر/تشرين الأول، ليست مجرد حدث روتيني. إنها تمثل علامة بارزة في الرحلة الديمقراطية للأمة، حيث تقدم تغييرات رائدة تبشر بتغيير المشهد الانتخابي. وكشف الاجتماع الأخير للجنة الانتخابات المركزية عن العديد من الابتكارات الرئيسية التي من شأنها ضمان قدر أعظم من الكفاءة والشفافية والشمولية، مما يجعل هذه الانتخابات مسألة ذات اهتمام عالمي.

ولأول مرة في تاريخ البلاد، ستستخدم انتخابات المجلس التشريعي نظاماً انتخابياً مختلطاً يجمع بين التمثيل الأكثري والتمثيل النسبي. ويعني هذا التغيير أن الناخبين سينتخبون خمسة وسبعين نائبا بشكل مباشر، في حين سيتم اختيار خمسة وسبعين آخرين على أساس الأصوات الحزبية. ويهدف هذا النظام إلى إنشاء هيئة تشريعية أكثر توازناً وتمثيلاً، وتعزيز الشرعية الديمقراطية وضمان نطاق أوسع من الأصوات السياسية.

أحد أبرز التطورات في النظام الانتخابي في أوزبكستان هو الرقمنة الكاملة لأنشطة لجنة الانتخابات. يعد إدخال نظام المعلومات “E-Saylov” قفزة كبيرة إلى الأمام، حيث أحدث ثورة في العملية الانتخابية. لا تعمل هذه المنصة الرقمية على تبسيط العملية وتقليل البيروقراطية والتعامل مع المستندات فحسب، بل تضمن أيضًا تجربة انتخابية أكثر سلاسة وكفاءة وشفافية. فهو يقوم بأتمتة التفاعلات بين اللجان الانتخابية والأحزاب السياسية والمرشحين والمراقبين ووسائل الإعلام، مما يوفر بيانات إحصائية في الوقت الفعلي ومعلومات عن المرشحين وخرائط تفاعلية. تعمل هذه القفزة التكنولوجية على تمكين الناخبين من الوصول غير المسبوق إلى المعلومات الأساسية المتعلقة بالانتخابات، مما يجعل العملية الانتخابية أكثر شمولاً وشفافية.

الشمولية هي حجر الزاوية الآخر في هذه الانتخابات. يتطلب التشريع الانتخابي الجديد من الأحزاب السياسية التأكد من أن 40% على الأقل من مرشحيها من النساء، وهو تحرك تدريجي نحو المساواة بين الجنسين في التمثيل السياسي. ولا يقتصر هذا المطلب على مواءمة أوزبكستان مع المعايير الديمقراطية المتقدمة فحسب، بل يثري الخطاب السياسي أيضًا من خلال دمج وجهات نظر متنوعة.

وتجري الانتخابات في سياق أدى فيه الدستور المحدث إلى تعزيز سلطات البرلمان والهيئات التمثيلية بشكل كبير. وقد زادت صلاحيات المجلس التشريعي من 5 إلى 12، وصلاحيات مجلس الشيوخ من 12 إلى 18. كما تم توسيع وظائف البرلمان الرقابية على الخدمات التنفيذية والقضائية وإنفاذ القانون والخدمات الخاصة. بالإضافة إلى ذلك، تم إلغاء قيادة المجالس المحلية لنواب الشعب من قبل الحكام، مما أدى إلى نقل 33 سلطة كان يشغلها الحكام في السابق إلى المجالس المحلية لزيادة دورها في حل قضايا الدولة الحرجة.

إن شعار “خياري – وطني المزدهر” لا يجسد روح هذه الانتخابات فحسب، بل يعكس أيضاً الالتزام الثابت من جانب القيادة الأوزبكية ببناء الدولة الديمقراطية وتمكين المواطنين. ومع مشاركة أكثر من 120 ألف عضو في لجنة الانتخابات و70 ألف مواطن والعديد من المراقبين الدوليين، من المقرر أن تكون الانتخابات عملية شفافة وشاملة، مما يزيد من إظهار هذا الالتزام.

وفي الختام، فإن أوزبكستان ترسي سابقة ملحوظة في انتخاباتها المقبلة من خلال تبني الابتكار التكنولوجي والشمولية. ومما لا شك فيه أن هذه المبادرات سوف تمهد الطريق لمستقبل أكثر ازدهارا وديمقراطية، وإظهار تفاني أوزبكستان في تعزيز المبادئ والممارسات الديمقراطية.