Slaati
فوزية الشيخي

لا تعش على هامش الحياة سواء الاجتماعية أو الوظيفية

منذ 2 ساعة01599

مشاركة

عشت ما مضى من حياتي السابقة، وانا لم أؤمن يوما بأن أكون شخصية بلا أثر أو قيمة. فمنذ أن أدركت معنى الوجود، آمنت بأن الإنسان خُلق ليكون حاضرا، فاعلا، مؤثرا، لا ظلا عابرا في حياة الآخرين. فالحياة قصيرة، ولا تحتمل أن تُعاش في الزوايا أو خلف الصفوف.

لم أقبل في حياتي يوما أن أعيش على الهامش، لم أحب أن أكون شخصية مهمشة، تُعرّف من خلال غيرها، أو تنتظر إذنا لتكون نفسها. فالإنسان بلا طموح كجسد بلا روح، وبلا هدف كمسافر لا يعرف وجهته. لذلك رفضت أن أقبل بالقليل، أو أرضى بمكان لا يليق بأحلامي ولا بتعبي ولا بإيماني بذاتي.

في بيئات العمل المختلفة، يُفترض أن يكون الاحترام المتبادل أساس العلاقة بين الإدارة والموظفين، وأن يكون الحوار وسيلة للتطوير لا أداة للسيطرة. لكن مع الأسف، هناك إدارات تتحول إلى أداة لكسر المجاديف، وإقصاء الرأي، وتهميش الشخصية، فيصبح الصمت تواطؤا، ويغدو الدفاع عن الذات ضرورة لا خيارا.

هناك بعض المدراء يحاولون أن يجعلوا من الموظف شخصية بلا صوت، بلا رأي، وبلا رد فعل، وكأن المطلوب من ذلك الموظف أن يكون مجرد منفذ للأوامر، يقول «نعم» دائما، ولا يمتلك حق النقاش أو إبداء الرأي. وبطبيعة الحال، هذا الأسلوب لا يصنع بيئة عمل ناجحة، بل يقتل الإبداع، ويهدر الطاقات، ويحوّل الموظف إلى أداة صامتة بدل أن يكون عنصرا فاعلا ومؤثرا.

انا شخصيا، لو وجدت بمثل تلك البيئات فإنني سأرفض هذا التصرف بلا شك، لا بدافع التمرد، بل بدافع احترام الذات. حتما سأكون قوية بمواقفي وآرائي، أؤمن بأن الاختلاف في الرأي لا يعني قلة الاحترام، وأن الحوار لا ينتقص من هيبة أي إدارة كانت، بل على العكس تماما، ذلك سيعززها. فالعمل الجماعي الحقيقي يقوم على الاستماع، والتقدير، وإعطاء المساحة للتعبير، لا على فرض الصمت ووأد المبادرات.

بكل ثقة، سيكون موقفي هو عدم السماح لأي شخص كان أن يقصيني أو يجعلني شخصية مهمشة لا موقف لها. فالتهميش لا يُفقد الإنسان قيمته إلا إذا قبله، وأنا لم ولن أقبل أن أكون على الهامش. لي رأي، ولي موقف، ولي كيان مهني يستحق الاحترام، وسأدافع عنه بالوعي والالتزام والأداء الجيد، لا بالصدام ولا بالتراجع.

إن القوة الحقيقية في بيئات العمل ليست في إسكات الأصوات، بل في إدارتها بحكمة. وليست في فرض الطاعة العمياء، بل في بناء الثقة. والموظف الواثق من نفسه، المتمسك بكرامته، هو إضافة حقيقية لأي مؤسسة كانت، لا عبئا عليها.

لذلك، من الحتمية المطلقة أن نكون دائما متمسكين بذواتنا، ثابتين بمواقفنا، مؤمنين بأن الكرامة المهنية حق لا يُمنح بل يُصان. وأن نؤمن بأن لا نكون ظلا لأحد، ولا نتنازل عن حقوقنا في أن نُسمع ونُقدّر. فوجودنا في أي بيئة عمل ليس لإلغاء شخصيتنا، بل لإثباتها بوعي وقوة واحترام.

فالإنسان خُلق ليكون فاعلا لا متفرجا، وليصنع أثرا لا ليكتفي بالمشاهدة من بعيد. وحين يرضى بأقل مما يستحق، في عمله أو أحلامه، فإنه يتنازل تدريجيا عن حقه في الاحترام والتقدير.

لا تقبل بأي شكل من الأشكال أن تعيش على الهامش، ولا تكون يوما بلا أثر. كن دائما واقفا، واثقا، مؤمنا بأن لك مكانا في هذه الحياة، وبأن صوتك يستحق أن يُسمع، وبأن وجودك له معنى.

كن أنت… كما تريد، وكما تستحق.

التعليقات ()

مشاركة

أخر الأخبار

9330c2e1-b903-481c-84c7-9468010083fe.jpg
مواطن يخاطر بحياته لإنقاذ 6 معلمات تعرضن لحادث مروري.. فيديو
الرياض
منذ 4 دقيقة
0
71348
63a58b3d-77d6-42d2-83c2-46c96dec2c94.jpg
وظيفة شاغرة لدى بنك الخليج الدولي
الرياض
منذ 11 دقيقة
0
1384
25deffa6-2ee7-4e58-8eb3-372c24292377.jpg
النيابة العامة تحذر من إهمال الحيوانات وتؤكد تطبيق العقوبات
الرياض
منذ 13 دقيقة
0
1388
6307fab6-033c-4eea-8d85-0532085d4a55.jpg
رحالة هولندي يعبر عن إعجابه بعد زيارته لأحد المساجد في الرياض.. فيديو
الرياض
منذ 14 دقيقة
0
71392
1bb0064a-b7a3-41db-a6b8-5235fad49e43.jpg
تصميم مشروع درء أخطار السيول في محايل عسير.. فيديو
أبها
منذ 22 دقيقة
0
1443
إعلان
مساحة إعلانية