
الجانب المضيء في وسائل التواصل الاجتماعي
إن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت ركناً أساسياً في حياة الكثير مِنّا بسبب انتشارها السريع في المجتمع خاصة بين المراهقين والشباب، وغالبا ما نجد الكثير يتجاهلون الجانب المضيء منها ويتحدثون عن الجانب المُظلم فيها ويركزون عليه كإهدار الوقت الذي قد يُسبب الإدمان والعزلة الاجتماعية، والجرائم الإلكترونية، واختراق الخصوصية والتنمر وانتشار المعلومات المضللة وتأثير بعض المحتويات على الصحة النفسية للمستخدمين، وقلة الحركة وزيادة الوزن والأضرار الصحية التي قد تلحقها خاصة مع الأطفال والمرهقين، ومراقبة الآخرين والتركيز على مظاهر الترف، وتراجع القراءة من الكتب الورقية، وغيرها من السلبيات التي تختلف باختلاف رواد هذه المنصات والفئات العمرية.
من واقع تجربتي مع بعض وسائل التواصل الاجتماعي وجدت أن هذه الوسائل تكاد تكون مثل السوق الذي نجد فيه جميع أنواع السلع والخدمات سواء الباهظة الثمن أو الجيدة أو الرديئة أو المقلدة أو المستهلكة، وكذلك البشر "المستخدمين" منهم الجيد والمؤدب والبذيء والمفيد والمشاكس والمنتقد والمصلح والناصح والعالم وغيرهم من الأصناف الكثيرة التي تعتمد على سؤال مهم جداً لابد من معرفة إجابته وهو "ماذا نريد نحن من وسائل التواصل؟".
إن من مزايا الجانب المضيء في وسائل التواصل الاجتماعي تعزيز التواصل وتحقيق المشاركة الاجتماعية والترفيه عن النفس والتعرف على أصدقاء جدد، والوصول إلى كثيرا من المعلومات والأخبار من المصادر المعتمدة والموثوقة، والنقاشات المفيدة، وتتمثل في ما يطرحه بعض الدكاترة المعتمدين من معلومات صحية مهمة، والأكاديميين في مواضيع تخصصاتهم الدقيقة، والمحاميين في مجال القانون والاستشارات سواء كانت المجانية أو المدفوعة، وأهل العلم والدين من معلومات قيِّمة ومفيدة لمحاربة الجهل، والكُتَّاب من مقالات ومواضيع أدبية تفيد الأفراد والمجتمع، وخبراء التقنية والتكنولوجيا من معلومات ونصائح وإرشادات، وتجارب وخبرات بعض البشر للإفادة والتنويه والتنبيه والنصح والإرشاد، وإتاحة الفرصة للشباب في التعبير عن أفكارهم وتوجهاتهم، والحصول على الدعم والمشاركة من بقية المستخدمين، وفرص الحصول على عمل ومسارات مهنية جديدة، وفرص التسويق للأفكار الجديدة والمنتجات والخدمات والوصول لعملاء جدد، والتعرف على بعض القرارات الحكومية الجديدة والتغييرات، والبقاء على اتصال دائم بالعالم.
أما لو أردنا مكافحة الجانب المظلم في وسائل التواصل الاجتماعي، علينا أن نقوم بوضع حدود كافية وآمنة عند الاستخدام مع الحرص على التواصل الكفء في هذه المنصات، عن طريق الالتزام بحدود زمنية يومية للاستخدام وعدم تجاوزها، وإتباع معايير لاختيار الحسابات والمحتويات، والتحلي بالأخلاق العالية والسلوك الإيجابي في الحوار والتعامل مع الآخرين، وتجاهل الرسائل العنصرية أو الجنسية أو التحريضية أو سيئة المحتوى أو الحسابات المشبوهة، وطلب المساعدة من أشخاص ثقات عند التعرض لمشاكل أو مضايقات في وسائل التواصل، وإبلاغ إدارة المنصة عن حالات الإساءة أو المضايقات، وأخيرا محاولة ممارسة هوايات جديدة بعيدا عن منصات التواصل الاجتماعي وترك الهاتف بعيدا عن متناول اليد قدر الإمكان مع تعزيز العلاقات الاجتماعية الفعلية، ومن هنا يمكننا القول بأننا استطعنا القضاء بنسبة كبيرة على الجانب المظلم من وسائل التواصل الاجتماعي واستفدنا من الجانب المضيء فيها الذي يؤدي لخدمات جليلة للعلوم والمعارف وفتح آفاقاً غير محدودة لكافة مستخدمي وسائل التواصل ومصدراً لكسب الثقافة وتطوير الذات وتحسين العلاقات الاجتماعية.